الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **
573 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما الفضل الوارد في صيام الأيام البيض من كل شهر؟ وإذا صادف وجود الدورة الشهرية فهل يجوز للمرأة أن تصوم ثلاثة أيام بدلاً منها من نفس الشهر؟ فأجاب فضيلته بقوله: أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن صيام ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله، ولكن الأفضل أن تكون في الأيام البيض: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر. فإن لم يمكن بأن كانت المرأة حائضاً، أو حصل سفر، أو ضيق، أو ملل، أو مرض يسير، أو ما أشبه ذلك، فإنه يحصل الأجر لمن صام هذه الأيام الثلاثة، سواء كانت الأيام البيض الثالث عشر، والرابع عشر والخامس عشر، أو خلال أيام الشهر. قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، لا يبالي أصامها في أول الشهر، أو وسطه، أو آخره" فالأمر في هذا واسع، فصيام ثلاثة أيام من كل شهر سنة سواء أول الشهر أو وسطه أو آخره. لكن كونها في الأيام الثلاثة أيام البيض أفضل. وإذا تخلف ذلك لعذر أو حاجة فإننا نرجو أن الله سبحانه وتعالى يكتب الأجر لمن كان من عادته صومها ولكن تركها لعذر . 673 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، هل لابد أن تكون في الأيام البيض فقط؟ أم يجوز أن يصام منها ثلاثة أيام من أي يوم في الشهر؟ فأجاب فضيلته بقوله: يجوز للإنسان أن يصوم في أول الشهر أو وسطه، أو آخره متتابعة، أو متفرقة، لكن الأفضل أن تكون في الأيام البيض الثلاثة وهي: ثلاثة عشر، وأربعة عشر، وخمسة عشر. قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، لا يبالي أصامها من أوله، أو آخر الشهر". * * * 773 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى أبا هريرة ـ رضي الله عنه ـ بصيام ثلاثة أيام من كل شهر فمتى تصام هذه الأيام؟ وهل هي متتابعة؟ فأجاب فضيلته بقوله: هذه الأيام الثلاثة يجوز أن تصام متوالية أو متفرقة، ويجوز أن تكون من أول الشهر، أو من وسطه، أو من آخره، والأمر واسع ولله الحمد، حيث لم يعين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد سئلت عائشة ـ رضي الله عنها ـ: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام؟ قالت: "نعم". فقيل: من أي الشهر كان يصوم؟ قالت: "لم يكن يبالي من أي الشهر يصوم". لكن اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر أفضل، لأنها الأيام البيض. * * * 873 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: هل يمكن الجمع في النية بين صيام الثلاثة أيام من الشهر وصيام يوم عرفة؟ وهل نأخذ الأجرين؟ فأجاب فضيلته بقوله: تداخل العبادات قسمان: قسم لا يصح: وهو فيما إذا كانت العبادة مقصودة بنفسها، أو متابعة لغيرها، فهذا لا يمكن أن تتداخل العبادات فيه، مثال ذلك: إنسان فاتته سنة الفجر حتى طلعت الشمس، وجاء وقت صلاة الضحى، فهنا لا تجزىء سنة الفجر عن صلاة الضحى، ولا الضحى عن سنة الفجر، ولا الجمع بينهما أيضاً، لأن سنة الفجر مستقلة، وسنة الضحى مستقلة، فلا تجزىء إحداهما عن الأخرى، كذلك إذا كانت الأخرى تابعة لما قبلها، فإنها لا تداخل، فلو قال إنسان: أنا أريد أن أنوي بصلاة الفجر صلاة الفريضة والراتبة، قلنا: لا يصح هذا؛ لأن الراتبة تابعة للصلاة فلا تجزىء عنها. والقسم الثاني: أن يكون المقصود بالعبادة مجرد الفعل، والعبادة نفسها ليست مقصودة، فهذا يمكن أن تتداخل العبادات فيه، مثاله: رجل دخل المسجد والناس يصلون صلاة الفجر، فإن من المعلوم أن الإنسان إذا دخل المسجد لا يجلس حتى يصلي ركعتين، فإذا دخل مع الإمام في صلاة الفريضة أجزأت عنه الركعتين؛ لأن المقصود أن تصلي ركعتين عند دخول المسجد، وكذلك لو دخل الإنسان المسجد وقت الضحى وصلى ركعتين ينوي بهما صلاة الضحى، أجزأت عنه تحية المسجد، وإن نواهما جميعاً فأكمل، فهذا هو الضابط في تداخل العبادات، ومنه الصوم، فصوم يوم عرفة مثلاً المقصود أن يأتي عليك هذا اليوم وأنت صائم، سواء كنت نويته من الأيام الثلاثة التي تصام من كل شهر، أو نويته ليوم عرفة، لكن إذا نويته ليوم عرفة لم يجزىء عن صيام الأيام الثلاثة، وإن نويته يوماً من الأيام الثلاثة أجزأ عن يوم عرفة، وإن نويت الجميع كان أفضل. * * * 973 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: هل يصح جمع نيتين في صيام يوم واحد، مثل أن يصوم أحد الأيام الست مع يوم واحد من الأيام البيض؟ فأجاب فضيلته بقوله: العبادات أحياناً تتساقط يعني يسقط بعضها بعضاً، وهذا فيما إذا علمنا أن المقصود حصول هذه العبادة في هذا الوقت دون النظر إلى ذات العبادة، فمثلاً إذا دخل الإنسان المسجد فإنه لا يجلس حتى يصلي ركعتين، فإذا دخل المسجد وهو يريد أن يصلي الراتبة فصلى الراتبة سقطت بذلك تحية المسجد؛ لأن المقصود أن لا تجلس حتى تصلي وقد صليت، وكذلك لو دخلت والإمام يصلي فإن من المعلوم أنك سوف تدخل مع الإمام وتسقط عنك تحية المسجد. كذلك لو صام الإنسان أيام الست اكتفى بها عن صيام ثلاثة أيام من كل شهر. قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، ولا يبالي في أول الشهر صامها، أو وسطه، أو آخره". وإذا كنت تريد أن تصوم الأيام البيض بذاتها فإنك تصوم أيام الست في أول الشهر، ثم إذا جاءت أيام البيض قمت بصيامها؛ لأنك أردت أن يكون صيامك في هذا الوقت المعين، أما صيام ثلاثة أيام من كل شهر، فإن صيام الأيام الستة يجزىء عنها. * * * 083 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما حكم صيام يوم الاثنين والخميس؟ وأيهما أوكد؟ فأجاب فضيلته بقوله: صوم يوم الاثنين والخميس سنة، وذلك لأن الأعمال تعرض فيهما على الله عز وجل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فأحـب أن يعـرض عملـي وأنا صائم" وصوم الاثنين أوكد من صيام الخميس، وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صيام يوم الاثنين فقال: "ذاك يوم ولدت فيه، وبعثت فيه، وأنزل عليَّ فيه". * * * 183 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما حكم من اعتاد صيام يومي الاثنين والخميس ووافق أحد أيام التشريق هل يصومهما أم لا؟ فأجاب فضيلته بقوله: إذا وافق يوم الاثنين أو الخميس أيام التشريق فإنه لا يصومهما، لحديث عائشة وابن عمر ـ رضي الله عنهم ـ قالا: "لم يُرخّص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي" يعني المتمتع والقارن في الحج، ومن المعلوم أنه لا ينتهك محرم لفعل سنة. * * * 283 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: رجل نوى صيام الاثنين والخميس من كل أسبوع ولم ينذر ذلك فهل يلزمه صومهما طوال العمر أم لا؟ فأجاب فضيلته بقوله: مجرد نية الفعل لا تلزم بالفعل، فإذا نوى الإنسان أن يصوم يوم الاثنين والخميس ولكنه لم يصم فلا شيء عليه، وكذلك لو شرع في الصوم ثم قطعه فلا شيء عليه أيضاً؛ لأن صوم النفل لا يلزم إتمامه حتى لو نوى الإنسان أن يتصدق بمال وفصل المال فإنه لا يلزمه أن يتصدق به، إذ أن النية لا أثر لها في مثل هذه الأمور، وعلى هذا فنقول للأخ السائل: إنه لا يجب عليك أن تستمر في صيام يوم الاثنين والخميس، ولكن إن فعلت ذلك فهو خير، لأن يومي الاثنين والخميس يسن صيامهما. * * * 383 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما فضل صيام الست من شوال؟ وهل هو عام للرجال والنساء؟ وهل يحصل الفضل بصيامها متتابعة فقط؟ فأجاب فضيلته بقوله: صيام ستة أيام من شوال بعد صيام رمضان كصيام الدهر، وهو عام للرجال والنساء، وسواء صامها متتابعة أم متفرقة. * * * 483 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: هل هناك أفضلية لصيام ست من شوال؟ وهل تصام متفرقة أم متوالية؟ فأجاب فضيلته بقوله: نعم، هناك أفضلية لصيام ستة أيام من شهر شوال، كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر". يعني كصيام سنة كاملة. وينبغي أن يتنبه الإنسان إلى أن هذه الفضيلة لا تتحقق إلا إذا انتهى رمضان كله، ولهذا إذا كان على الإنسان قضاء من رمضان صامه أولاً ثم صام ستًّا من شوال، وإن صام الأيام الستة من شوال ولم يقض ما عليه من رمضان فلا يحصل هذا الثواب، سواء قلنا بصحة صوم التطوع قبل القضاء أم لم نقل. وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صام رمضان ثم أتبعه..." والذي عليه قضاء من رمضان يقال: صام بعض رمضان. ولا يقال: صام رمضان. ويجوز أن تكون متفرقة أو متتابعة، لكن التتابع أفضل؛ لما فيه من المبادرة إلى الخير، وعدم الوقوع في التسويف الذي قد يؤدي إلى عدم الصوم. * * * 583 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: هل يحصل ثواب الست من شوال لمن عليه قضاء من رمضان قبل أن يصوم القضاء؟ فأجاب فضيلته بقوله: صيام ستة أيام من شوال لا يحصل ثوابها إلا إذا كان الإنسان قد استكمل صيام شهر رمضان، فمن عليه قضاء من رمضان فإنه لا يصوم ستة أيام من شوال إلا بعد قضاء رمضان، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: "من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال..." وعلى هذا نقول لمن عليه قضاء: صم القضاء أولاً، ثم صم ستة أيام من شوال، فإن انتهى شوال قبل أن يصوم الأيام الستة لم يحصل له أجرها إلا أن يكون التأخير لعذر، وإذا اتفق أن يكون صيام هذه الأيام الستة في يوم الاثنين أو الخميس، فإنه يحصل على الأجرين بنية أجر الأيام الستة وبنية أجر يوم الاثنين والخميس لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرىء ما نوى". * * * 683 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: إذا كان على المرأة دين من رمضان فهل يجوز أن تقدم الست على الدين أم الدين على الست؟ فأجاب فضيلته بقوله: إذا كان على المرأة قضاء من رمضان فإنها لا تصوم الستة أيام من شوال إلا بعد القضاء، ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال" ومن عليها قضاء من رمضان لم تكن صامت رمضان فلا يحصل لها ثواب الأيام الست إلا بعد أن تنتهي من القضاء، فلو فرض أن القضاء استوعب جميع شوال، مثل أن تكون امرأة نفساء ولم تصم يوماً من رمضان، ثم شرعت في قضاء الصوم في شوال ولم تنته إلا بعد دخول شهر ذي القعدة فإنها تصوم الأيام الستة، ويكون لها أجر من صامها في شوال، لأن تأخيرها هنا للضرورة وهو متعذر، فصار لها الأجر. * * * 783 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما رأيكم فيمن يصوم ستة أيام من شوال وعليه قضاء؟ فأجاب فضيلته بقوله: الجواب على ذلك من قول النبي صلى الله عليه وسلم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر"، وإذا كان على الإنسان قضاء وصام الست قبل أن يصوم القضاء فهل يقال: إنه صام رمضان، وأتبعه بست من شوال؟ لا، ما صام رمضان إذ لا يقال صام رمضان إلا إذا أكمله، وعلى هذا فلا يثبت أجر صيام ستة من شوال لمن صامها وعليه قضاء من رمضان إلا إذا قضى رمضان ثم صامها. * * * 883 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: يقول كثير من الناس: صيام ست من شوال لابد أن يكون من ثاني العيد وإلا لا فائدة إذا لم ترتب من ثاني العيد ومتتابعة، أفيدونا؟ فأجاب فضيلته بقوله: ستة الأيام من شوال لا بأس أن تكون من ثاني العيد، أو من آخر الشهر، وسواء كانت متتابعة أو متفرقة، إنما المهم أن تكون بعد انتهاء الصيام، فإذا كان على الإنسان قضاء فإنه يقدمه على الستة أيام من شوال. * * * 983 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما هو الأفضل في صيام ستة أيام من شوال؟ فأجاب فضيلته بقوله: الأفضل أن يكون صيام ستة أيام من شوال بعد العيد مباشرة، وأن تكون متتابعة كما نص على ذلك أهل العلم؛ لأن ذلك أبلغ في تحقيق الاتباع الذي جاء في الحديث "ثم أتبعه"، ولأن ذلك من السبق إلى الخير الذي جاءت النصوص بالترغيب فيه والثناء على فاعله، ولأن ذلك من الحزم الذي هو من كمال العبد، فإن الفرص لا ينبغي أن تفوّت، لأن المرء لا يدري ما يعرض له في ثاني الحال وآخر الأمر. وهذا أعني المبادرة بالفعل وانتهاز الفرص ينبغي أن يسير العبد عليه في جميع أموره متى تبين الصواب فيها. * * * 093 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: هل يجوز للإنسان أن يختار صيام ستة أيام من شهر شوال أم أن هذه الأيام لها وقت معلوم؟ وهل إذا صام المسلم هذه الأيام تصبح فرضاً عليه ويجب عليه صيامها كل عام؟ فأجاب فضيلته بقوله: ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر" أخرجه مسلم في صحيحه، وهذه الست ليس لها أيام محدودة معينة من شوال، بل يختارها المؤمن من جميع الشهر، إن شاء صامها في أوله، وإن شاء صامها في أثنائه، وإن شاء صامها في آخره، وإن شاء فرقها، الأمر واسع بحمد الله، وإن بادر إليها وتابعها في أول الشهر كان ذلك أفضل من باب المسارعة إلى الخير، ولكن ليس في هذا ضيق بحمد الله، بل الأمر فيها واسع إن شاء تابع، وإن شاء فرق. ثم إذا صامها بعض السنين وتركها بعض السنين فلا بأس، لأنها تطوع وليست فريضة. * * * 193 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: صيام شهر محرم كله هل فيه فضل أم لا؟ وهل أكون مبتدعاً بصيامه؟ فأجاب فضيلته بقوله: بعض الفقهاء يقولون: يسنُّ صيام شهر الله المحرم كله ويستدلون بقوله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم" ولكن لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما أعلم أنه يصومه كله، وأكثر ما يكون صيامه من الشهور بعد رمضان شهر شعبان، كما جاء في الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها(2)، ولا يقال لمن صامه كله: إنه مبتدع؛ لأن الحديث المذكور قد يحتمل هذا؛ أعني صيامه كله كما ذكره بعض الفقهاء. * * * 293 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما حكم الصيام في شهر شعبان؟ فأجاب فضيلته بقوله: الصيام في شهر شعبان سنة والإكثار منه سنة، حتى قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ: "ما رأيته أكثر صياماً منه في شعبان" فينبغي الإكثار من الصيام في شهر شعبان لهذا الحديث. قال أهل العلم: وصوم شعبان مثل السنن الرواتب بالنسبة للصلوات المكتوبة، ويكون كأنه تقدمة لشهر رمضان، أي كأنه راتبة لشهر رمضان، ولذلك سن الصيام في شهر شعبان، وسن الصيام ستة أيام من شهر شوال كالراتبة قبل المكتوبة وبعدها. وفي الصيام في شعبان فائدة أخرى وهي توطين النفس وتهيئتها للصيام، لتكون مستعدة لصيام رمضان سهلاً عليها أداؤه. * * * 393 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: نشاهد بعض الناس يخصون الخامس عشر من شعبان بأذكار مخصوصة وقراءة للقرآن وصلاة وصيام فما هو الصحيح جزاكم الله خيراً؟ فأجاب فضيلته بقوله: الصحيح أن صيام النصف من شعبان أو تخصيصه بقراءة، أو بذكر لا أصل له، فيوم النصف من شعبان كغيره من أيام النصف في الشهور الأخرى، ومن المعلوم أنه يشرع أن يصوم الإنسان في كل شهر الثلاثة البيض: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، ولكن شعبان له مزية عن غيره في كثرة الصوم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر الصيام في شعبان أكثر من غيره، حتى كان يصومه كله أو إلا قليلاً منه، فينبغي للإنسان إذا لم يشق عليه أن يكثر من الصيام في شعبان اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم. * * * كلمة حول شهر شعبان بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين المعتدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له رب العالمين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الأمين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد: فهذه كلمات يسيرة في أمور تتعلق بشهر شعبان. الأمر الأول: في فضل صيامه ففي الصحيحين عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: "ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صياماً منه في شعبان"، وفي البخاري في رواية: "كان يصوم شعبان كله". وفي مسلم في رواية: "كان يصوم شعبان إلا قليلاً". وروى الإمام أحمد والنسائي من حديث أسامة بن زيد ـ رضي الله عنهما ـ قال: "لم يكن (يعني النبي صلى الله عليه وسلم) يصوم من الشهر ما يصوم من شعبان"، فقال له: لم أرك تصوم من الشهر ما تصوم من شعبان قال: "ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين عز وجل فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم" قال في الفروع ص 021 ج 3 ط آل ثاني: والإسناد جيد. الأمر الثاني: في صيام يوم النصف منه، فقد ذكر ابن رجب ـ رحمه الله تعالى ـ في كتاب اللطائف (ص 341 ط دار إحياء الكتب العربية) أن في سنن ابن ماجه بإسناد ضعيف عن علي ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان ليلة نصف شعبان فقوموا ليلها، وصوموا نهارها، فإن الله تعالى ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا فيقول: ألا مستغفر فأغفر له، ألا مسترزق فأرزقه، ألا مبتلى فأعافيه، ألا كذا، ألا كذا حتى يطلع الفجر" قلت: وهذا الحديث حكم عليه صاحب المنار بالوضع، حيث قال (ص 226 في المجلد الخامس من مجموع فتاويه): والصواب أنه موضوع، فإن في إسناده أبا بكر عبدالله بن محمد، المعروف بابن أبي بسرة، قال فيه الإمام أحمد ويحيى بن معين: إنه كان يضع الحديث. وبناء على ذلك فإن صيام يوم النصف من شعبان بخصوصه ليس بسنة، لأن الأحكام الشرعية لا تثبت بأخبار دائرة بين الضعف والوضع باتفاق علماء الحديث، اللهم إلا أن يكون ضعفها مما ينجبر بكثرة الطرق والشواهد حتى يرتقي الخبر بها إلى درجة الحسن لغيره، فيعمل به إن لم يكن متنه منكراً أو شاذًّا. وإذا لم يكن صومه سنة كان بدعة، لأن الصوم عبادة فإذا لم تثبت مشروعيته كان بدعة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كل بدعة ضلالة". الأمر الثالث: في فضل ليلة النصف منه، وقد وردت فيه أخبار قال عنها ابن رجب في اللطائف بعد ذكر حديث علي السابق: إنه قد اختلف فيها، فضعفها الأكثرون، وصحح ابن حبان بعضها وخرجها في صحيحه. ومن أمثلتها حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ وفيه: أن الله تعالى ينزل ليلة النصف من شعبان إلى سماء الدنيا، فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب، خرجه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه، وذكر الترمذي أن البخاري ضعفه، ثم ذكر ابن رجب أحاديث بهذا المعنى وقال: وفي الباب أحاديث أخر فيها ضعف. اهـ وذكر الشوكاني أن في حديث عائشة المذكور ضعفاً وانقطاعاً. وذكر الشيخ عبدالعزيز بن باز ـ حفظه الله تعالى ـ أنه ورد في فضلها أحاديث ضعيفة لا يجوز الاعتماد عليها، وقد حاول بعض المتأخرين أن يصححها لكثرة طرقها ولم يحصل على طائل، فإن الأحاديث الضعيفة إذا قدر أن ينجبر بعضها ببعض فإن أعلى مراتبها أن تصل إلى درجة الحسن لغيره، ولا يمكن أن تصل إلى درجة الصحيح كما هو معلوم من قواعد مصطلح الحديث. الأمر الرابع: في قيام ليلة النصف من شعبان، وله ثلاث مراتب: المرتبة الأولى: أن يصلي فيها ما يصليه في غيرها، مثل أن يكون له عادة في قيام الليل فيفعل في ليلة النصف ما يفعله في غيرها من غير أن يخصها بزيادة، معتقداً أن لذلك مزية فيها على غيرها، فهذا أمر لا بأس به، لأنه لم يحدث في دين الله ما ليس منه. المرتبة الثانية: أن يصلي في هذه الليلة، أعني ليلة النصف من شعبان دون غيرها من الليالي، فهذا بدعة، لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر به، ولا فعله هو ولا أصحابه. وأما حديث علي ـ رضي الله عنه ـ الذي رواه ابن ماجه: "إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها". فقد سبق عن ابن رجب أنه ضعفه، وأن محمد رشيد رضا قال: إنه موضوع، ومثل هذا لا يجوز إثبات حكم شرعي به، وما رخص فيه بعض أهل العلم من العمل بالخبر الضعيف في الفضائل، فإنه مشروط بشروط لا تتحقق في هذه المسألة، فإن من شروطه أن لا يكون الضعف شديداً، وهذا الخبر ضعفه شديد، فإن فيه من كان يضع الحديث، كما نقلناه عن محمد رشيد رضا رحمه الله تعالى. الشرط الثاني: أن يكون وارداً فيما ثبت أصله، وذلك أنه إذا ثبت أصله ووردت فيه أحاديث ضعفها غير شديد كان في ذلك تنشيط للنفس على العمل به، رجاء للثواب المذكور دون القطع به، وهو إن ثبت كان كسباً للعامل، وإن لم يثبت لم يكن قد ضره بشيء لثبوت أصل طلب الفعل. ومن المعلوم أن الأمر بالصلاة ليلة النصف من شعبان لا يتحقق فيه هذا الشرط، إذ ليس لها أصل ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكره ابن رجب وغيره. قال ابن رجب في اللطائف ص 541: فكذلك قيام ليلة النصف من شعبان لم يثبت فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه شيء. وقال الشيخ محمد رشيد رضا (ص 857 في المجلد الخامس): إن الله تعالى لم يشرع للمؤمنين في كتابه ولا على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ولا في سنته عملاً خاصًّا بهذه الليلة اهـ. وقال الشيخ عبدالعزيز بن باز: ما ورد في فضل الصلاة في تلك الليله فكله موضوع. اهـ وغاية ما جاء في هذه الصلاة ما فعله بعض التابعين، كما قال ابن رجب في اللطائف ص 441: وليلة النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام يعظمونها ويجتهدون فيها في العبادة، وعنهم أخذ الناس فضلها وتعظيمها، وقد قيل: إنهم بلغهم في ذلك آثار إسرائيلية، فلما اشتهر ذلك عنهم في البلدان اختلف الناس في ذلك: فمنهم من قبله ووافقهم على تعظيمها، وأنكر ذلك أكثر علماء الحجاز، وقالوا: ذلك كله بدعة. اهـ ولا ريب أن ما ذهب إليه علماء الحجاز هو الحق الذي لا ريب فيه، وذلك لأن الله تعالى يقول: المرتبة الثالثة: أن يصلى في تلك الليلة صلوات ذات عدد معلوم، يكرر كل عام، فهذه المرتبة أشد ابتداعاً من المرتبة الثانية وأبعد عن السنة. والأحاديث الواردة فيها أحاديث موضوعة، قال الشوكاني في الفوائد المجموعة (ص 15 ط ورثة الشيخ نصيف): وقد رويت صلاة هذه الليلة، أعني ليلة النصف من شعبان على أنحاء مختلفة كلها باطلة وموضوعة. الأمر الخامس: أنه اشتهر عند كثير من الناس أن ليلة النصف من شعبان يقدر فيها ما يكون في العام، وهذا باطل، فإن الليلة التي يقدر فيها ما يكون في العام هي ليلة القدر، كما قال الله تعالى: الأمر السادس: أن بعض الناس يصنعون أطعمة في يوم النصف يوزعونها على الفقراء ويسمونها عشيات الوالدين. وهذا أيضاً لا أصل له عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون تخصيص هذا اليوم به من البدع التي حذر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال فيها: "كل بدعة ضلالة". وليعلم أن من ابتدع في دين الله ما ليس منه فإنه يقع في عدة محاذير منها: المحذور الأول: أن فعله يتضمن تكذيب ما دل عليه قول الله عز وجل: المحذور الثاني: أن ابتداعه يتضمن التقدم بين يدي الله ورسوله، حيث أدخل في دين الله تعالى ما ليس منه. والله سبحانه قد شرع الشرائع وحد الحدود وحذَّر من تعديها، ولا ريب أن من أحدث في الشريعة ما ليس منها فقد تقدم بين يدي الله ورسوله، وتعدى حدود الله ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون. المحذور الثالث: أن ابتداعه يستلزم جعل نفسه شريكاً مع الله تعالى في الحكم بين عباده، كما قال الله تعالى: المحذور الرابع: إن ابتداعه يستلزم واحداً من أمرين، وهما: إما أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم جاهلاً بكون هذا العمل من الدين، وإما أن يكون عالماً بذلك ولكن كتمه، وكلاهما قدح في النبي صلى الله عليه وسلم، أما الأول فقد رماه بالجهل بأحكام الشريعة، وأما الثاني فقد رماه بكتمان ما يعلمه من دين الله تعالى. المحذور الخامس: أن ابتداعه يؤدي إلى تطاول الناس على شريعة الله تعالى، وإدخالهم فيها ما ليس منها، في العقيدة والقول والعمل، وهذا من أعظم العدوان الذي نهى الله عنه. المحذور السادس: أن ابتداعه يؤدي إلى تفريق الأمة وتشتيتها واتخاذ كل واحد أو طائفة منهجاً يسلكه ويتهم غيره بالقصور، أو التقصير، فتقع الأمة فيما نهى الله عنه بقوله: المحذور السابع: أن ابتداعه يؤدي إلى انشغاله ببدعته عما هو مشروع، فإنه ما ابتدع قوم بدعة إلا هدموا من الشرع ما يقابلها. وإن فيما جاء في كتاب الله تعالى، أو صح عن رسوله صلى الله عليه وسلم من الشريعة لكفاية لمن هداه الله تعالى إليه واستغنى به عن غيره، قال الله تعالى: أسأل الله تعالى أن يهدينا وإخواننا المسلمين صراطه المستقيم، وأن يتولانا في الدنيا والا?خرة إنه جواد كريم، والحمد لله رب العالمين. انتهى بقلم كاتبه الفقير إلى الله محمد الصالح العثيمين في 21/8/3041هـ. 493 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: عن حكم صيام يوم عاشوراء؟ فأجاب فضيلته بقوله: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وجد اليهود يصومون اليوم العاشر من شهر المحرم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا أحق بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه". وفي حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ المتفق على صحته أن النبي صلى الله عليه وسلم صام يوم عاشوراء وأمر بصيامه. وسئل عن فضل صيامه فقال صلى الله عليه وسلم: "أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله". إلا أنه صلى الله عليه وسلم أمر بعد ذلك بمخالفة اليهود بأن يصام العاشر ويوماً قبله وهو التاسع، أو يوماً بعده وهو الحادي عشر. وعليه فالأفضل أن يصوم يوم العاشر ويضيف إليه يوماً قبله أو يوماً بعده. وإضافة اليوم التاسع إليه أفضل من الحادي عشر، فينبغي لك أخي المسلم أن تصوم يوم عاشوراء وكذلك اليوم التاسع. * * * 593 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: هل صيام يوم بعد يوم عاشوراء أفضل أم صيام اليوم الذي قبله؟ فأجاب فضيلته بقوله: قال العلماء في صيام يوم عاشوراء: إما أن يكون مفرداً، أو يصوم معه التاسع، أو يصوم معه الحادي عشر، وهناك صورة رابعة، وهي أن يصوم التاسع والعاشر والحادي عشر، فيكون ثلاثة أيام من الشهر. والأفضل لمن لا يريد أن يصوم إلا يومين أن يصوم التاسع والعاشر. لكن في هذا العام ـ أعني عام خمسة عشر وأربع مائة وألف ـ اختلف الناس، لأنه لم يصل خبر ثبوت الشهر إلا متأخراً، فبنى بعض الناس على الأصل وهو أن يكمل شهر ذي الحجة ثلاثين يوماً، وقال: إن اليوم العاشر هو يوم الاثنين، فصام الأحد والاثنين. والذين بلغهم الخبر من قبل عرفوا بأن الشهر ثبت دخوله ليلة الثلاثين من ذي الحجة، فصام يوم السبت ويوم الأحد. والأمر في هذا واسع إن شاء الله، لكن إذا لم يثبت دخوله أعني شهر محرم ليلة الثلاثين من ذي الحجة فإنه يكمل شهر ذي الحجة ثلاثين ويبني عليه لقول النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان: "فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين" وهذا مثله، لأن الأصل بقاء الشهر حتى يثبت خروجه برؤية هلال ما بعده أو إكماله ثلاثين. وبهذه المناسبة أود أن أبين أنه قد ورد في حديث أخرجه أبو داود؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة أو عود شجرة فليمضغه". فهذا الحديث قال أبو داود: إن مالكاً رحمه الله وهو مالك بن أنس الإمام المشهور قال: إن هذا الحديث مكذوب على الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يصح. والحقيقة أن من تأمل هذا الحديث وجد أن فيه اضطراباً في سنده، وفيه شذوذ أو نكارة في متنه. أما الاضطراب في سنده فقد تكلم عليه أهل العلم وبينوا سبب الاضطراب، ومن شاء أن يرجع إلى كلامهم فليفعل. وأما الشذوذ في متنه والنكارة، فلأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على جويرية بنت الحارث ـ رضي الله عنها ـ يوم الجمعة فقالت: إنها صائمة، فقال: "أصمت أمس؟" قالت: لا. قال: "أتصومين غداً؟" قالت: لا. قال: "فافطري". ومعلوم أن الغد من يوم الجمعة يكون يوم السبت، فهذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري، أنه أذن في صوم يوم السبت، وكذلك ما روي عن أم سلمة رضي الله عنها أنها كانت تقول: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم يوم السبت ويوم الأحد أكثر مما يصوم من الأيام ويقول: "إنهما عيد المشركين فأحب أن أخالفهم". فثبت من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم القولية والفعلية، أن صوم يوم السبت ليس حراماً. والعلماء مختلفون في حديث النهي عن صوم يوم السبت من حيث العمل به؛ فمنهم من قال: إنه لا يعمل به إطلاقاً، وأن صوم يوم السبت لا بأس به، سواء أفرد أم لم يفرد، لأن الحديث لا يصح، والحديث الذي لا يصح لا ينبني عليه حكم من الأحكام. ومنهم من صحح الحديث أو حسنه وقال: إن الجميع بينه وبين الأحاديث الأخرى، أن المنهي عنه إفراده فقط، يعني أن يفرده دون الجمعة أو يوم الأحد، وهذا ما ذهب إليه الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ فقال: إذا صام مع يوم السبت يوماً آخر فلا بأس، كأن يصوم معه الجمعة أو يصوم معه الحد، كذلك نقول: إذا صادف يوم السبت يوماً يشرع صومه، كيوم عرفة، ويوم العاشر من شهر محرم فإنه لا يكره صومه، لأن الكراهة أن تصومه لأنه يوم السبت، أي تصومه بعينه، معتقداً فيه مزية عن غيره. وقد نبهت على ذلك لأنني سمعت أن بعض الناس صام يوم التاسع والعاشر من شهر المحرم، وكان أحدهما يوم السبت، فنهاهم بعض الإخوة وأمرهم بالفطر، وهذا خطأ، وكان على هذا الأخ أن يسأل قبل أن يفتي بغير علم. 693 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما تقولون في صيام يوم بعد عاشوراء والمشروع الصيام قبله، هل الصيام بعد عاشوراء ثبت به حديث صحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ فأجاب فضيلته بقوله: في مسند الإمام أحمد: "صوموا يوماً قبله أو يوماً بعده خالفوا اليهود". ومخالفة اليهود تكون إما بصوم اليوم التاسع كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع". يعني مع العاشر، وتكون بصوم يوم بعده، لأن اليهود كانوا يفردون اليوم العاشر، فتحصل مخالفتهم بصيام يوم قبله أو يوم بعده، وقد ذكر ابن القيم ـ رحمه الله ـ في زاد المعاد أن صيام عاشوراء أربعة أنواع: * إما أن يصوم اليوم العاشر وحده. * أو مع التاسع. * أو مع العاشر. * أو يصوم الثلاثة، وصوم الثلاثة يكون فيه فائدة أيضاً، وهي الحصول على صيام ثلاثة أيام من الشهر. * * * كلمة في فضل صيام يوم عاشوراء بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله العلي الكبير، المتفرد بالخلق والتدبير، الذي أعز أولياءه بنصره، وأذل أعداءه بخذله، فنعم المولى ربنا ونعم النصير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله البشير النذير والسراج المنير، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً . أما بعد، فإن في هذا الشهر شهر المحرم كانت نجاة موسى عليه الصلاة والسلام وقومه من عدو الله فرعون وجنوده. وإنها والله لنعمة كبرى تستوجب الشكر لله عز وجل، ولهذا لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وجد اليهود يصومون اليوم العاشر من هذا الشهر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا أحق بموسى منكم" فصامه وأمر بصيامه، وسئل عن فضل صيامه فقال صلى الله عليه وسلم: "أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله"، إلا أنه صلى الله عليه وسلم أمر بعد ذلك بمخالفة اليهود بأن يصام العاشر ويوماً قبله وهو التاسع، أو يوماً بعده وهو الحادي عشر. وعليه فالأفضل أن يصوم يوم العاشر ويضيف إليه يوماً قبله، أو يوماً بعده. وإضافة اليوم التاسع إليه أفضل من الحادي عشر. فينبغي لك أخي المسلم أن تصوم يوم عاشوراء، وكذلك اليوم التاسع لتحصل بذلك مخالفة اليهود التي أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بها. وفقني الله وإياكم لشكر نعمته، وحسن عبادته، وحمانا من شرور أنفسنا برعايته إنه جواد كريم. لا مانع عندي من نشره. كتبه محمد الصالح العثيمين. /9041هـ. 793 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: هناك ورقة توزع، وفيها بيان فضل صوم شهر المحرم وعاشوراء وهذا نص هذه الورقة فنأمل الإفادة هل هي صحيحة: عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صام يوم عاشوراء وأمر بصيامه. متفق عليه. وعنه أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع". رواه مسلم. وعن أبي قتادة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل ذات يوم عن صوم يوم عاشوراء فقال: "يكفر السنة الماضية" رواه مسلم. وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل" رواه مسلم. أخي المسلم: صم التاسع والعاشر، أو العاشر والحادي عشر من شهر محرم لتحصل على الأجر إن شاءالله. وإن صمتها جميعها فهو أكمل ليحصل لك به صيام ثلاثة أيام من الشهر، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن صيام ثلاثة أيام من كل شهر يعدل صيام الدهر، وفقنا الله وإياك لما فيه الخير. فأجاب فضيلته بقوله: ما ذكر في فضل صوم شهر المحرم وعاشوراء في هذه الورقة صحيح. 5/1/4141هـ. * * * 893 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: هل يجوز صيام يوم عاشوراء وحده من غير أن يصام يوم قبله أو بعده، لأنني قرأت في إحدى المجلات فتوى مفادها أنه يجوز ذلك لأن الكراهة قد زالت حيث اليهود لا يصومونه الا?ن؟ فأجاب فضيلته بقوله: كراهة إفراد يوم عاشوراء بالصوم ليست أمراً متفقاً عليه بين أهل العلم، فإن منهم من يرى عدم كراهة إفراده، ولكن الأفضل أن يصام يوم قبله أو يوم بعده، والتاسع أفضل من الحادي عشر، أي من الأفضل أن يصوم يوماً قبله لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع" يعني مع العاشر.، وقد ذكر بعض أهل العلم أن صيام عاشوراء له ثلاث حالات: الحال الأولى: أن يصوم يوماً قبله أو يوماً بعده. الحال الثانية: أن يفرده بالصوم. الحال الثالثة: أن يصوم يوماً قبله ويوماً بعده. وذكروا أن الأكمل أن يصوم يوماً قبله ويوماً بعده، ثم أن يصوم التاسع والعاشر، ثم أن يصوم العاشر والحادي عشر، ثم أن يفرده بالصوم. والذي يظهر أن إفراده بالصوم ليس بمكروه، لكن الأفضل أن يضم إليه يوماً قبله أو يوماً بعده. * * * 993 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: من أتى عليها عاشوراء وهي حائض هل تقضي صيامه؟ وهل من قاعدة لما يقضى من النوافل وما لا يقضى جزاك الله خيراً؟ فأجاب فضيلته بقوله: النوافل نوعان: نوع له سبب، ونوع لا سبب له. فالذي له سبب يفوت بفوات السبب ولا يُقضى، مثال ذلك: تحية المسجد، لو جاء الرجل وجلس ثم طال جلوسه ثم أراد أن يأتي بتحية المسجد، لم تكن تحية للمسجد، لأنها صلاة ذات سبب، مربوطة بسبب، فإذا فات فاتت المشروعية، ومثل ذلك فيما يظهر يوم عرفة ويوم عاشوراء، فإذا أخر الإنسان صوم يوم عرفة ويوم عاشوراء بلا عذر فلا شك أنه لا يقضي، ولا ينتفع به لو قضاه، أي لا ينتفع به على أنه يوم عرفة ويوم عاشوراء. وأما إذا مر على الإنسان وهو معذور كالمرأة الحائض والنفساء أو المريض، فالظاهر أيضاً أنه لا يقضي، لأن هذا خص بيوم معين يفوت حكمه بفوات هذا اليوم.
* * *
|